Loading...

أجمل هدية

في الصباح ذهبت إلى المدرسة كعادتي، وبعد انتهاء حصة العلوم، وقفت معلمتي الأستاذة نور وهى  تنظر إلينا وقالت بحزن: غدا سيكون أخر يوم دراسي لي معكم ، لأني سأرحل من البلدة ، ثم تركتنا وخرجت ..

همهم الجميع بحزن

قالت أمنية : لابد أن نقدم هدية تذكارية إلى الأستاذة نور .

وافق الجميع

قالت علياء : سأقدم لها قلما نفيساً لتكتب به ، لكي تتذكرني عندما تكتب .

وقفت شيماء وقالت: وأنا سأقدم لها دفترا كبيرا.  أما أنا فصمت ، فأنا لا أملك مالا لكي أقدم  هدية إلى معلمتي، مشيت طوال الطريق وأنا أبكي وصلت إلى منزلي الصغير الفقير، ظللت طوال النهار أفكر في أمر الهدية، لم يكن أبي سوى عاملٍ يحضر كل يوم معه طعامنا بالكاد، ولم تكن أمي غير حائكة ملابس تجلس طوال اليوم أمام ماكينة الحياكة لتنفق على علاج جدتي ، و تدبر مصاريف مدرستي، أما جدتي فكانت سيدة عجوز رغم أنها تطرز الملابس التي تخيطها أمي بمهارة .

جلست بجوار جدتي وأنا حزينة، أريد أن أهدي معلمتي هدية لكي تتذكرني ولكن لا يوجد بيدي شيء لأفعله، وقعت تحت قدمي قطعة قماش جميلة مطرزة .

امسكت جدتي قطعة القماش ونظرت إلى أمي وقالت : لماذا ترمين هذا القماش ،  إن التطريز الذي بها غالي الثمن  وجميل ؟

نظرت أمي إلى جدتي وهى تقول: إنها من فستان تريد صاحبته تجديده، ولا تريد هذه القطعة  المطرزة في فستانها .

نظرت إلى القطعة التي في يد جدتي ، ولمعت في رأسي فكرة.

نظرت إلى جدتي، وحكيت لها ما يضايقني بصوت منخفض، نظرت لي جدتي بحزن وهى تقول: ليس معي أي نقود  لكي أعطيها لك يا وفاء .

نظرت إلى جدتي وقلت لها: لا أريد منك  نقودا يا جدتي، بل أريد منك المساعدة .

نظرت لي جدتي بتعجب ،همست في أذن جدتي ،و حكيت لها ما يدور بعقلي .
  فهمت جدتي مقصدي، ظللت طوال الليل وأنا  أعمل وجدتي تساعدني، و في الصباح ذهبت إلى المدرسة سعيدة، وعندما جاءت الأستاذة نور  قدمت لها عليا قلم غالي الثمن، وقدمت لها شيماء دفتر كبير،وقدم لها جميع زملائي الهدايا التذكارية غالية الثمن ، وقفت وقدمت إلى معلمتي  علبة مطرزة، أعجبت معلمتي بالعلبة، وعندما فتحتها وأخرجت ما بها اتسعت ابتسامتها، فقد كانت هديتي عقدا قيما مصنوع  يدويا بعناية ودقة، و قفت بجوار معلمتي وأنا أشير إلى نفسي، وقلت بسعادة : لقد ظللت طوال الليل أصنعه من أجلك يا أستاذة نور بمساعدة جدتي، حتى تتذكريني دائما.

ابتسمت الأستاذة نور وقالت : هذا العقد هو أجمل هديـة قدمت لي في حياتي ، لأنه مصنوع

بحبات من الحب، وحبات من المجهود، وحبات من الصبر، لبست الأستاذة نور العقد، أعجب جميع زملائي بالعقد الذي صنعته من الحبات التي كانت في  قماش الفستان المطرز .

طلب مني زملائي أن يحضرون إلى منزلي، لكي يتعلمون من جدتي دروس في التطريز ، أمسكت الأستاذة نور بهاتفها وأخذت صورة تذكارية معنا .

ابتسمت الأستاذة نور وهى تنظر إلى الصورة  وقالت: لقد لمع العقد وجعل الصورة أجمل ، ضحكنا جميعا .



 

د. نانيس خطاب

كاتبة و قاصة . مصر

التعليقات

اترك تعليقك هنا لنعرف رئيك

تعليقات من قراء

لا يوجد تعليقات الى الان