أما زلت في ضلالك القديم..أما زلت ترقبنا من بعيد لترى اللواعج وهي تحصد أرواحنا تتراً، لم تعد ذلك الذي يخيفنا.. لقد نبت اليخضور من بين اليباب واجتاح اليباس..أصبح سرمدياً لا نهاية له..أنت مآلك إلى النسيان أيها الأزلي..ألا تتذكر جدي في ذاك المُخيم يصرخ من شدة الأوجاع محاولاً أن يجد زاداً لمن بقي منا..فتاتٌ من بقايا الطعام المبعثرة على الأطلال..الأخوة كانوا يلهون بذاك الرماد بين الأنقاض ويتخيلون أنهم في بستان العسجد الذي يتوسطه شجرة الزيتون .. أذكر هؤلاء وهم ينبشون على جدار السنديان كلماتهم الخالده(سنبقى)..لا بأس أيها الشبح أراك تخفت الآن..أذكرُني وأنا ألتحف بوشاح أمي تدثرني من الزمهرير.. كنتَ قاسياً حتى الأكفان لم تكن موجودة لنواري من قضوا نحبهم..كان شبحك عظيماً لكنه كان بالنسبة لي وأنا في ريعان طفولتي خواء ..ربّ أخٍ لي يرمقك بسنان رمحٍ مسموم ليخلص العوالم من شرورك..هل كنت تستعذب صوت الأنات والثغاء والعويل والصرخات؟! يالك من حجر صلدٍ لا تعرف معنى الإحساس ..نعم – صحيحٌ أنت بلا قلب أو عقل ولا تفرق بين الصغير والكبير والكهل ..حتى الأخضر واليابس..آمنت أنه مهما رسفَ الدهر و تعملقت أغلال السجون التي نعيشها بين الأسوار وذقنا نيرَ القهر..هي بمثابة عوار ونتوءات أصاب جمال صرحنا الشامخ..أنت لا تعرف ما هو ذاك الصرح؟ إنه الإنسانية والوحدة و أوشاج الوطن..لا تدرك ماذا يعني لدينا الحضن الذي يضمنا جميعاً تحت مظلته..أوَ تدري أيها الآثم ما معنى الكيان..أنتَ لا تعرف سوى الحرائق والنوازل والركام المتفحم..أنت لا تعرف أين يكمن الذهب الإبريز والعقيان..ألا تراني هنا في الوجيب في صميم القلب..إنها إرادة الصمود ..ألم تلحظ أننا لم ننتهي ..لم نكترث بوجودك شاخصاً مترقباً تبعث إلينا بالنواعير والرحايا والمقاصل لتجتز وجودنا بلا جدوى..نحن خالدون هنا على سطح البطحاء الذي خلقنا الله عليها لننشر رسالات السلام وسنُخلد بعد الرحيل..ليس لك بدّ ولا مناص لديك بأن تفرّ من هبوب رياحنا العاتية ..أتعرف ما هي شآبيب الرحمات..مهما حاولت من تواطؤ ووقيعة لتدق طبولك إنّا سنئدُها لا محالة في لمح البصر.. لطالما هناك شمس تسطع بعد ظلام حالك وقوس قزح يلون السماء بعدما اكتست بالغيمات الداكنة ليهطل المطر ويتساقط الثلج الأبيض بعدما كان أسوداً بسببك أنت..مدّ الشتاء يديه أيها العربيد فهو ناسكٌ في محراب أوطاننا لتنقشع وتغور ..لم يعد أحد يحبك حتى من اعتنقوا دروبك أضحوا يناشدون بل يناجون مساعي السكينة والوئام ..عاد الأقحوان وأزهار تشرين هيمنت والزيزفون بسؤدد والفرنان في كل مكان حيثما يقف الحسون والعقعق..فلترحل إلى جحيمك المستعر المُستطر ..هاهنا الآن الأفنان والترانيم تكمل معزوفات الّسِلم..سأفاجئك الآن أراه يصعَّد ..إنه الصولجان الذي ظهر في ربوعنا الآن بزمان غير زمان وسيمحو أثرك بعد أن يقتفي عُصبتك.. أسمعه يقول لك : ( هذا ردّ عدالة السماء وجزاء من روع أهل الأرض..فالويْح لك) إمضاء : وريث لواء الحق
شاعر و كاتب . مصر
اترك تعليقك هنا لنعرف رئيك
تعليقات من قراء